٩- جمل الشرط المعطوفة على جمل الجزاء:
وينبغي أن يجعل ما يصنع في الشرط والجزاء من هذا المعنى أصلا يعتبر به، وذلك أنك ترى، متى شئت، جملتين قد عطفت إحداهما على الأخرى، ثم جعلتا بمجموعهما شرطا، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ ١ [النساء: ١١٢].
ويقول: الشرط كما لا يخفى في مجموع الجملتين لا في كل واحدة منهما على الانفراد، ولا في واحدة منهما دون الأخرى، لأنا إن قلنا: إنه في كل واحدة منهما على الانفراد جعلناهما شرطين اقتضتا جزائين، وليس معنا إلا جزاء واحد٢، وإن قلنا: إنه في واحدة منهما دون الأخرى لزم منه إشراك ما ليس بشرط في الجزم بالشرط، وذلك ما لا يخفى فساده.
ثم إنا نعلم من طريق المعنى أن الجزاء الذي هو احتمال البهتان والإثم المبين، أمر يتعلق إيجابه لمجموع ما حصل من الجملتين، فليس هو لاكتساب الخطيئة على الانفراد ولا لرمي البريء بالخطيئة والإثم على الإطلاق، بل لرمي الإنسان البريء بخطئية أو إثم كان من الرامي.
وكذلك الحكم أبدًا.
فقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ لم يعلق الحكم فيه بالهجرة على الانفراد، بل بها مقرونا إليها أن يدركه الموت عليها٣.
٢ يعلق المراغي على هذا قائلا: هذا دليل غير تام ولا ينتج ما يدعيه، الدلائل هامش ١٠٦، تحقيق المراغي، وانظر في هذا "أحكام توالي شرطين أو أكثر وتوالي شرط واستفهام" عباس حسن، النحو الوافي، ٤/ ٤٨٩.
٣ الدلائل ٢٤٥ وما بعدها.