لإحاطته بأحوال الخلق وعلمه بالمرتضى منهم المستوجب للشفاعة وغير المرتضى، والخامسة: لسعة علمه وتعلقه بالمعلومات كلها أو لجلاله وعظم قدره١.
٢- التناسق الداخلي للجمل أقوى من وصلها برابط:
ففي قوله تعالى: ﴿الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ ٢، يقول الزمخشري: "والذي هو أرسخ عرقا في البلاغة أن يضرب عن هذه المحال صفحا، وأن يقال: إن قوله ﴿الم﴾ جملة برأسها أو طائفة من حروف المعجم مستقلة بنفسها، و ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ جملة ثانية، و ﴿لا رَيْبَ فِيهِ﴾ جملة ثالثة"، و ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ رابعة، وقد أصيب بترتيبها مفصل البلاغة. وموجب حسن النظم حيث جيء بها متناسقة هكذا من غير نسق، وذلك لمجيئها متآخية آخذا بعضها بعنق بعض، فالثانية متحدة بالأولى معتنقة لها، وهلم جرا إلى الثالثة والرابعة٣.
٣- الفصل يزيد الأسلوب جزالة وفخامة:
ويلحظ الزمخشري ذلك في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ يقول: فإن قلت: كيف ابتدئ قوله: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾، ولم يعطف على الكلام قبله؟ قلت: هو استئناف في غاية الجزالة والفخامة، وفيه أن الله عز وجل هو الذي يستهزئ بهم الاستهزاء الأبلغ الذي ليس استهزاؤهم إليه باستهزاء، ولا يؤبه له في مقابلته لما ينزل بهم من النكال ويحل بهم من الهوان والذل، وفيه أن الله هو الذي يتولى الاستهزاء بهم انتقاما للمؤمنين، ولا يحوج المؤمنين أن يعارضوهم باستهزاء مثله٥.
٢ البقرة: ١، ٢.
٣ الكشاف ١/ ١٢١.
٤ البقرة: ١٥.
٥ الكشاف ١/ ١٨٧.