قوله تعالى (ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون)
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر الله تعالى في الآية الكريمة أن الكفار استهزءوا برسل قبل نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنهم حاق بهم العذاب بسبب ذلك، ولم يفصل هنا كيفية استهزائهم، ولا كيفية العذاب الذي أهلكوا به، ولكنه فصل كثيرا من ذلك في مواضع أخر متعددة في ذكر نوح وقومه وهود وقومه، وصالح وقومه، ولوط وقومه، وشعيب وقومه، إلى غير ذلك، فمن استهزائهم بنوح قولهم له: "بعد أن كنت نبياً صرت نجاراً"، وقد قال الله تعالى عن نوح: (إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون)، وذكر ما حاق بهم بقوله: (فأخذهم الطوفان، وهم ظالمون) وأمثالها من الآيات. ومن استهزائهم بهود ما ذكره الله عنهم من قولهم (إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء)، ... ومن استهزائهم بصالح، قولهم فيما ذكر الله عنهم (يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين)، ... ومن استهزائهم بلوط قولهم فيما حكى الله عنهم: (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم) الآية... ومن استهزائهم بشعيب قولهم فيما حكى الله عنهم: (قالوا يا شعيب ما نفقه كثيراً مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله (فحاق بالذين سخروا منهم) من الرسل. قوله (ما كانوا به يستهزءون) يقول: وقع بهم العذاب الذي استهزءوا به.
قوله تعالى (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)، دمر الله عليهم وأهلكهم، ثم صيرهم إلى النار.