قوله تعالى (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي... ) إلى قوله (سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة... )
قال الشيخ الشنقيطي: نهى الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن طرد ضعفاء المسلمين وفقرائهم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، وأمره في آية أخرى أن يصبر نفسه معهم، وأن لا تعدو عيناه معهم إلى أهل الجاه والمنزلة في الدنيا، ونهاه عن إطاعة الكفرة في ذلك وهي قوله (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) كما أمره هنا بالسلام عليهم، وبشارتهم برحمة ربهم جل وعلا قوله (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) الآية، وبين في آيات أخر أن طرد ضعفاء المسلمين الذي طلبه كفار العرب من نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنهاه الله عنه، طلبه أيضاً قوم نوح من نوح، فأبى كقوله تعالى عنه (وما أنا بطارد الذين آمنوا) الآية، وقوله (يا قوم من ينصرنى من الله إن طردتهم) الآية، وقوله (وما أنا بطارد المؤمنين)، وهذا من تشابه قلوب الكفار المذكور في قوله تعالى (تشابهت قلوبهم) الآية.
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد. قال: كنا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستة نفر. فقال المشركون للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اطرد هؤلاء لا يجترءون علينا. قال: وكنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست أسميهما. فوقع في نفس رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما شاء الله أن يقع. فحدث نفسه. فأنزل الله عز وجل: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه).
(صحيح مسلم ٤/١٨٧٨ - ك فضائل الصحابة، ب فضل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) يعني: يعبدون ربهم (بالغداة والعشى) يعني الصلاة المكتوبة.