المشركين، فلما لقوهم قاتلوهم قتالاً شديداً، فمنحوهم أكتافهم. فحمل رجل من لُحمتي على رجل من المشركين بالرمح، فلمّا غشيه قال: أشهد أن لا إله إلا الله، إني مسلم. فطعنه فقتله. فأتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله! هلكتُ. قال: "وما الذي صنعتَ؟ " مرّةً أو مرتين، فأخبره بالذي صنع. فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فهلا شققت عن بطنه فعلمتَ ما في قلبه؟ ". قال: يا رسول الله! لو شققت بطنه لكنت أعلم ما في قلبه؟ قال: "فلا أنت قبلتَ ماتكلّم به، ولا أنت تعلم ما في قلبه... ".
(سنن ابن ماجة ٢/١٢٩٦ ح ٣٩٣٠ - ك الفتن، ب الكف عمن قال لا إله إلا الله)، قال البوصيرى: هذا إسناد حسن، عاصم هو الأحول روى له مسلم. والسميط: وثقه العجلي وروى له مسلم في صحيحه، وسويد بن سعيد مختلف فيه (مصباح الزجاحة ٣/٢٢٢)، وقد أخرجه أيضاً ابن ماجة من غير طريق سويد من طريق حفص بن غياث عن عاصم به رقم ٣٩٣١. ولذا حسنه الألباني (انظر صحيح ابن ماجه ٢/٣٤٨).
قوله تعالى (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير)
قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل شيء حواه المسلمون من أموال الكفار فإنه يخمس حسبما نص عليه في الآية، سواء أوجفوا عليه الخيل والركاب أولا، ولكنه تعالى بين في سورة "الحشر" أن ما أفاء الله على رسوله من غير إيجاف المسلمين عليه الخيل والركاب، أنه لا يخمس ومصارفه التي بين أنه يصرف فيها كمصارف خمس الغنيمة المذكورة هنا، وذلك في قوله تعالى في فيء بني النضير: (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) الآية، ثم بين شمول الحكم لكل ما أفاء الله على رسوله من جميع القرى بقوله (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول) الآية.