قال: "الغزو غزوان: فأما من ابتغى وجه الله، وأطاع الإمام، وأنفق الكريمة، وياسر الشريك، واجتنب الفساد؛ فإن نومه ونبْهه أجر كله. وأما من غزا فخراً ورياء وسمعة، وعصى الإمام، وأفسد في الأرض؛ فإنه لم يرجع بالكَفَاف".
(السنن ٣/١٣-١٤ ح ٢٥١٥ - ك الجهاد، ب في من يغزو ويلتمس الدنيا)، وأخرجه النسائي (٦/٤٩ - ك الجهاد، في فضل الصدقة في سبيل الله)، والدارمي في (السنن ٢/٢٠٨-٢٠٩ - ك الجهاد، ب الغزو غزوان)، وأحمد في مسنده (٥/٢٣٤) من طرق عن بقية به. حسنه الألباني في (صحيح سنن أبي داود ٢/٤٧٨ ح ٢١٩٥). وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات ليس فيه إلا ما يخشى من تدليس بقية، وقد صرح بالتحديث كما في رواية أبي داود (انظر مرويات الدارمي في التفسير ص٢٥٢).
قوله تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) الآية
قال الشيخ الشنقيطي: نهى الله جل وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن التنازع، مبيناً أنه سبب الفشل، وذهاب القوة، ونهى عن الفرقة أيضاً في مواضع أخر؛ كقوله (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) ونحوها من الآيات.
وقوله في هذه الآية (وتذهب ريحكم) أي قوتكم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (وتذهب ريحكم) قال: نصركم. قال: وذهبت ريح أصحاب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين نازعوه يوم أحد.
قوله تعالى (ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (بطرا ورئاء الناس) قال: أبو جهل وأصحابه يوم بدر. وأخرجه بنحوه بسند صحيح عن قتادة.
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الشيطان غر الكفار، وخدعهم، وقال لهم: لا غالب لكم وأنا جار لكم. وذكر المفسرون: أنه تمثل لهم في صورة (سراقة بن مالك بن جعشم) سيد بني مدلج بن بكر بن كنانة، وقال لهم ما ذكر الله عنه، وأنه يجيرهم من بني كنانة، وكانت بينهم عداوة