وأخفى) وقوله: (ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور) وقوله: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه) الآية - إلى غير ذلك من الآيات. وأظهر القولين في المستخفى بالليل والسارب بالنهار: أن المستخفى هو المختفي المستتر عن الأعين، والسارب هو الظاهر البارز الذاهب حيث يشاء.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (سواء منكم من أسر القول ومن جهر به) كل ذلك عنده تبارك وتعالى سواء، السر عنده علانية قوله: (ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) أي: في ظلمة الليل، و (سارب) أي: ظاهر بالنهار.
قوله تعالى (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ)
قال البخاري: حدثنا إسماعيل حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يعرُج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم فيقول كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يُصلون".
(الصحيح البخاري ١٣/٤٢٦ ح ٧٤٢٩- ك التوحيد، في قول الله تعالى (تعرج الملائكة والروح إليه))، وأخرجه مسلم في صحيحه (١/٤٣٩- ك المساجد، ب فضل صلاتي الصبح والعصر ح ٦٣٢).
قال مسلم: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم، قال إسحاق: أخبرنا. وقال عثمان: حدثنا جرير، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما منكم من أحد إلا وقد وُكّل به قرينه من الجن "قالوا: وإياك؟ يا رسول الله! قال: "وإياي، إلا أن الله أعانتي عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير".
وأخرجه بعده بمثله، لكن فيه: "وقد وكل له قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة".
(الصحيح ٤/٢١٦٧-٢١٦٨ ح ٢٨١٤ وما بعده- ك صفات المنافقين، ب تحريش الشيطان... ).


الصفحة التالية
Icon