قوله تعالى (يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ)
قال الطبري: حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي قوله: (ويأتيه الموت من كل مكان)، قال: من تحت كل شعرة في جسده.
وسنده صحيح.
قال ابن كثير: وقوله (ومن ورائه عذاب غليظ) أي وله من بعد هذا الحال عذاب آخر غليظ، أي مؤلم صعب شديد أغلظ من الذي قبله، وأدهى وأمر، وهذا كما قال تعالى عن شجرة الزقوم: (إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم) فأخبر أنهم تارة يكونون في أكل زقوم، وتارة في شرب حميم، وتارة يردون إلى جحيم، عياذا بالله من ذلك.
قوله تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ)
قال ابن كثير: أي مثل أعمالهم يوم القيامة إذا طلبوا ثوابها من الله تعالى، لأنهم كانوا يحسبون أنهم كانوا على شيء فلم يجدو شيئاً، ولا ألفوا حاصلا إلا كما يتحصل من الرماد إذا اشتدت به الريح العاصفة (في يوم عاصف) أي ذي ريح شديدة عاصفة قوية، فلم يقدروا على شيء من أعمالهم التي كسبوا في الدنيا إلا كما يقدرون على جمع هذا الرماد في هذا اليوم، كقوله تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا)، وقوله تعالى: (مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون)، وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله


الصفحة التالية
Icon