منهم، قال: لمّا أدخلهم الله النارَ مع المشركين، قال المشركون: أليس كنتم تزعمون في الدنيا أنكم أولياء، فما لكم معنا في النار؟ فإذا سمع الله ذلك منهم، أذن في الشفاعة، فيتشفع لهم الملائكة والنبيون حتى يُخرجوا بإذن الله، فلما أخرجوا، قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم، فتدركنا الشفاعة فنخرَجُ من النار، فذلك قول الله جلّ وعلا: (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين). قال: فيُسمّون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: ربنا أذهب عنّا هذا الاسم، قال: فيأمرهم فيغتسلون في نهر في الجنة، فيذهب ذلك منهم".
(الإحسان ١٦/٤٥٧-٤٥٨ ح ٧٤٣٢ قال محققه: حديث صحيح. وله شواهد عدة منها: حديث أبي موسى الأشعري، أخرجه الحاكم ٢/٢٤٢ وصححه ووافقه الذهبي. ومنها: حديث جابر أخرجه النسائي في التفسير (ح ٢٩١) وصحح إسناده السيوطي في الدر (٤/٩٢) وحسن إسناده محقق تفسير النسائي، عزاه الهيثمي للطبراني في الأوسط وقال. ورجاله رجال الصحيح غير بسام الصيرفي، وهو ثقة (مجمع البحرين ٤٨٢٠) وصحح إسناده الألباني (ظلال الجنة ح ٨٤٤). وينظر تخريجه وذكر شواهده مفصلا في حاشية الإحسان في الموضع المذكور).
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) ذكر في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا عرفوا حقيقة الأمر تمنوا أنهم كانوا في دار الدنيا مسلمين، وندموا على كفرهم، وبين هذا المعنى في مواضع أخر كقوله: (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) وقوله: (حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها) الآية، وقوله: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا) إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون)
قال الشيخ الشنقيطي: هدد الله تعالى الكفار في هذه الآية الكريمة بأمره نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يتركهم يأكلون ويتمتعون فسوف يعلمون حقيقة ما يئول إليه الأمر من شدة تعذيبهم وإهانتهم وهددهم هذا النوع من التهديد في مواضع أخر كقوله: (قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار) وقوله: (كلوا وتمتعوا قليلاً إنكم مجرمون).