الصوم، وأشهر الحج، ويعلمون مضى أشهر العدة لمن تعتد بالأشهر المشار إليها في قوله: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن)، وقوله: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا)، ويعرفون مضى الآجال المضروبة للديون والإجارات، ونحو ذلك، وبين جل وعلا هذه الحكمة في مواضع أخر، كقوله: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ماخلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون)، وقوله جل وعلا: (يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى (وكل شيء فصلناه تفصيلا)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال: أي بيناه تبييانا.
قال الشيخ الشنقيطي: وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: (وكل شيء فصلناه تفصيلا) تقدم إيضاحه، والآيات الدالة عليه في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء... ) الآية.
قوله تعالى (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه)
القول الأول: المراد بالطائر ماسبق في علم الله من شقاوة أو سعادة.
قال الطبري: وإنما قوله (ألزمناه طائره) مثل لما كانت العرب تتفائل به أو تتشاءم من سوانح الطير وبوارحها فأعلمهم جل ثناءه أن كل إنسان منهم قد ألزمه ربه طائره في عنقه نحسا كان ذلك الذي ألزمه من الطائر، وشقاء يورده سعيرا، أو كان سعدا يورده جنات عدن، وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل، ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن بشار قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثنى أبي، عن قتادة، عن جابر بن عبد الله أن نبي الله قال: "لا عدوى ولا طيرة، وكل إنسان الزمناه طائره في عنقه".
(ورجاله ثقات إلا معاذ بن هشام صدوق له أوهام وإسناده حسن، وقد أخرجه عبد بن حميد من طريق آخر عن أبي الزبير عن جابر بلفط: "طائر كل إنسان في عنقه". كما ذكره ابن كثير وحسنه السيوطي في الدر المنثور)،