قوله تعالى (من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها)
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من اهتدى فعمل بما يرضى الله جل وعلا أن اهتداءه ذلك إنما هو لنفسه لأنه هو الذي ترجع إليه فائدة الاهتداء وثمرته في الدنيا والآخرة، وأن من ضل عن طريق الصواب فعمل بما يسخط ربه جل وعلا، أن ضلاله ذلك إنما هو على نفسه لأنه هو الذي يجنى ثمرة عواقبه السيئة الوخيمة، فيخلد به في النار، وبين هذا المعنى في مواضع كثيرة كقوله: (من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها... ) الآية، وقوله: (من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون) وقوله: (قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها وما أنا عليكم بحفيظ) وقوله: (فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل)، والآيات بمثل هذا كثيرة جداً.
قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ولاتزر وازرة وزر أخرى) والله ما يحمل الله على عبد ذنب غيره، ولا يؤاخذ إلا بعمله.
قال ابن كثير: ولامنافاة بين هذا وبين قوله تعالى: (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم)، وقوله: (ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم) فإن الدعاة عليهم إثم ضلالهم في أنفسهم، وإثم آخر بسبب ما أضلوا من غير أن ينقص من أوزار أولئك، ولا يحملوا عنهم شيئا، وهذا من عدل الله ورحمته بعباده.
قوله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)
قال ابن كثير: إخبار عن عدله تعالى، وأنه لايعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه، كما قال تعالى: (كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير). ا. هـ.
واستدل بهذه الآية أن ولدان المشركين الذين ماتوا هم في الجنة، وقد اختلف العلماء قديما وحديثا في هذه المسألة على أقوال: