قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنا لهم حافظين) ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه سخر لسليمان من يغوصون له من الشياطين أي يغوصون له في البحار فيستخرجون له منها الجواهر النفيسة كاللؤلؤ والمرجان والغوص النزول تحت الماء والغواص الذي يغوص البحر ليستخرج منه اللولؤ ونحوه. وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أيضاً أن الشياطين المسخرين له يعملون له عملاً دون ذلك أي سوى ذلك الغوص المذكور أي كبناء المدائن والقصور وعمل المحاريب والتماثيل والجفان والقدور الراسيات وغير ذلك من الصنائع العجيبة وقوله في هذه الآية الكريمة (وكنا لهم حافظين) أي من أن يزيغوا عن أمره أو يبدلوا أو يغيروا أو يوجد منهم فساد فيما هم مسخرون فيه وهذه المسائل الثلاث التي تضمنتها هذه الآية الكريمة جاءت مبينة في غير هذا الموضع كقوله في الغوص والعمل سواء (والشياطين كل بناء وغواص) الآية وقوله في العمل غير الغوص (ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه) وقوله (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات) وكقوله في حفظهم من أن يزيغوا عن أمره (ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير) وقوله (وآخرين مقرنين في الأصفاد).
قوله تعالى (وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد الجعفي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "بينما أيوب يغتسل عُريانا خرّ عليه رجل جراد من ذهب، فجعل يحثى في ثوبه، فنادى ربه: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عمّا ترى؟ قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك".
(الصحيح ٦/٤٨٤ ح ٣٣٩١) - ك أحاديث الأنبياء، ب قول الله تعالى (وأيوب إذ نادى ربه)).
قال الترمذي: حدثنا قتيبة، حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا