نعم. قال: ادخل. فوالله! ما جاء بك هذه الساعة إلا حاجة. فدخلت. فإذا هو مفترش برذعة. متوسد وسادة حشوها ليف. قلت: أبا عبد الرحمن! المتلاعنان، أيُفرّق بينهما؟ قال: سبحان الله! نعم. إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان. قال: يا رسول الله! أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة، كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك. قال: فسكت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يجبه. فلما كان بعد ذلك أتاه فقال: إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به، فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور: (والذين يرمون أزواجهم) (٢٤/النور/٦-٩) فتلاهن عليه ووعظه وذكره. وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. قال: لا، والذي بعثك بالحق! ما كذبت عليها. ثم دعاها فوعظها وذكّرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. قالت: لا، والذي بعثك بالحق! إنه لكاذب. فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين. والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنّى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين. والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين. ثم فرق بينهما.
(صحيح مسلم ٢/١١٣٠ ح ١٤٩٣ - كتاب اللعان).
قوله تعالى (والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين)
قال البخاري: حدثني سليمان بن داود أبو الربيع، حدثنا فليح عن الزهري عن سهل بن سَعْد (أن رجلا أتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً رأى مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه، أم كيف يفعل؟ فأنزل الله فيهما ما ذكر في القرآن من التلاعن. فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قد قضى: فيك وفي امرأتك". قال فتلاعنا -وأنا شاهد عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -- ففارقها، فكانت سنة أن يفرّق بين المتلاعنين. وكانت حاملاً فأنكر حملها وكان ابنها يدعى إليها. ثم جرت السنة في الميراث أن يرثها وترث منه ما فرض الله لها).
(صحيح البخاري ٨/٣٠٣ ح ٤٧٤٦ - ك التفسير، سورة النور الآية).