أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم) قال: أمر الله سبحانه بالنكاح، ورغبهم فيه وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم وعبيدهم، ووعدهم في ذلك الغنى، فقال (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله).
قوله تعالى (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله... )
قال البخاري: حدثنا قتيبة، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد الساعدي قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: يا رسول الله جئتُ أهب لك نفسي. قال. فنظر إليها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فصعَّد النظر فيها وصوّبه، ثم طأطأ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلستْ. فقام رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوّجنيها. فقال: وهل عندك من شيء؟ قال: لا والله يا رسول الله، فقال: "إذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئاً"، فذهب ثم رجع فقال: لا والله ما وجدت شيئاً، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "انظر ولو خاتماً من حديد". فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديد، ولكن هذا إزاري -قال سهل ماله رداءٌ فلها نصفه- فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما تصنع بإزارك، إن لبستَه لم يكن عليها منه شيء، وإن لبستْه لم يكن عليك منه شيء". فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - موليا فأمر به فدُعي، فلما جاء قال: "ماذا معك من القرآن"؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا -عدّدها- فقال: تقرؤهنّ عن ظهر قلبك؟ قال: نعم. قال: "اذهب فقد مَلّكتكها بما معك من القرآن".
(صحيح البخاري ٩/٣٤ - ك النكاح، ب تزويج المعسر. ح ٥٠٨٧)، وأخرجه مسلم (الصحيح - النكاح، ب الصداق ح ١٤٢٥).
قوله تعالى (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنهم الله من فضله)
انظر حديث البخاري عن عبد الله بن مسعود في الآية السابقة.