قوله تعالى (وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهوراً لنحيي به بلدة ميتاً ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسي كثيراً)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن السدي قوله (أرسل الرياح) قال: إن الله عز وجل يرسل الرياح فتأتي بالسحاب من بين الخافقين طرفا السماء والأرض حيث يلتقيان فيخرجه من ثم، ثم ينشره فيبسطه في السماء كيف يشاء، ثم يفتح أبواب السماء ليسيل الماء على السحاب ثم تمطر السحاب بعد ذلك.
قال ابن كثير: قوله تعالى (لنحيي به بلدة ميتا) أي أرضاً قد طال انتظارها للغيث فهي هامدة لا نبات فيها ولا شيء فلما جاءها الحياء عاشت واكتسبت رباها أنواع الأزاهير والألوان كما قال تعالى (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) الحج: ٥، (ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسي كثيرا) أي: وليشرب منه الحيوان من أنعام وأناسي محتاجين إليه غاية الحاجة لشربهم وزروعهم وثمارهم كما قال تعالى (وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد) الشورى: ٢٨، وقال تعالى (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحي الموتى وهو على كل شيء قدير) الروم: ٥٠.
قوله تعالى (ولقد صرفناه بينهم ليذكروا... )
قال الطبري: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: سمعت الحسن بن مسلم يحدث طاوساً، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ما عام بأكثر مطراً من عام، ولكن الله يصرفه بين خلقه، قال: ثم قرأ (ولقد صرفناه بينهم).
(التفسير (١٩/٢٢)، وأخرجه بعده من طريق ابن علية، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عند هذه الآية (رقم ١٣٠١) من طربق: معتمر، والحاكم في المستدرك (٢/٤٠٣)، والبيهقي في سننه (٣/٣٦٣) كلاهما من طريق: يزيد بن هارون، ثلاثتهم عن سليمان التيمي به مثله. وهذا الأثر إسناده صحيح ورجاله ثقات، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وله شاهد من رواية ابن مسعود - رضي الله عنه -، فقد أخرج أبو نعيم في الحلية (٧/٢٠٨) من طريق: علي بن حميد، والبيهقي في سننه (٣/٣٦٣) من طريق: سهل بن حماد كلاهما: عن شعبة، عن ابن إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنحوه قال البيهقي عقبه. والصحيح موقوف، ثم ساقه بإسناده إلى الركين، عن أبيه، عن ابن مسعود موقوفاً. وكذا رجح العقيلي وقفه على ابن مسعود (الضعفاء ٣/٢٢٨).


الصفحة التالية
Icon