قوله تعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)
قال ابن كثير: أي خسروا أنفسهم لأنهم أدخلوا ناراً حامية فهم معذبون فيها لا يفتر عنهم من عذابها طرفة عين كما قال تعالى (كلما خبت زدناهم سعيرا) (وضلّ عنهم) أي ذهب عنهم (ما كانوا يفترون) من دون الله من الأنداد والأصنام فلم تجد عنهم شيئاً بل ضرتهم كل الضرر كما قال تعالى: (وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين).
قوله تعالى (لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون)
انظر سورة النحل آية (٦٢) لبيان (لا جرم) أي: بلى.
قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (وأخبتوا إلى ربهم) يقول: خافوا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وأخبتوا إلى ربهم) الإخبات: التخشع والتواضع.
قوله تعالى (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع)
قال الشيخ الشنقيطي: ضرب الله تعالى في هذه الآية الكريمة المثل للكافر بالأعمى والأصم، وضرب المثل للمؤمن بالسميع والبصير، وبين أنهما لا يستويان ولا يستوي الأعمى والبصير، ولا يستوي الأصم والسميع، وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة: قوله: (وما يستوي الأعمي ولا البصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع) الآية، هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن. فأما الكافر فصم عن الحق فلا يسمعه، وعمي عنه فلا يبصره. وأما المؤمن فسمع الحق فانتفع به، وأبصره فوعاه وحفظه وعمل به.