قوله تعالى (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً)
قال ابن كثير: وقوله (والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً) أي: في عبادته وطاعته، كما قال تعالى: (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون) الذاريات: ١٧-١٨. وقال: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون) السجدة: ١٦.
قوله تعالى (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) قال: هم المؤمنون لا يسرفون فينفقون في معصية الله ولا يقترون فيمنعون من حقوق الله.
قال ابن كثير: وقوله (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم، بل عدْلا خياراً، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا، (وكان بين ذلك قواما) كما قال (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً) الإسراء: ٢٩.
وانظر تفسير سورة الإسراء آية (٢٩) المذكورة آنفاً.
قوله تعالى (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما) إلى قوله (إلا من تاب وآمن... )
قال البخاري: حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان، قال: حدثني منصور وسليمان عن أبي وائل عن أبي ميسرة عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: سألت -أو سئل- رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك". قلت ثم أيّ؟ قال: "ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك". قلت: ثم أيّ؟ قال: "أن تزاني بحليلة جارك". قال: ونزلت هذه الآية تصديقاً لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون).
(صحيح البخاري ٨/٣٥٠-٣٥١ ح ٤٧٦١ -ك التفسير- سورة الفرقان، ب الآية).