وفي آذانهم الوقر، وعلى أبصارهم الغشاوة، فلا يسمعون الحق سماع اهتداء وانتفاع: ومن القرائن القرآنية الدالة على ما ذكرنا أنه جل وعلا قال بعده: (إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون)... التفسير الثاني: هو أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل، ولكن المراد بالسماع المنفي في قوله (إنك لا تسمع الموتى) خصوص السماع المعتاد الذي ينتفع صاحبه به، وإن هذا مثل ضرب للكفار، والكفار يسمعون الصوت، لكن لا يسمعون سماع قبول بفقه واتباع كما قال تعالى (ومثل الذين كفروا بربهم كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء)، فهكذا الموتى الذين ضرب بهم المثل لا يجب أن ينفي عنهم جميع أنواع السماع كما لم ينف ذلك عن الكفار، بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به، وأما سماع أخر فلا، وهذا التفسير الثاني جزم به واقتصر عليه العلامة أبو العباس ابن تيمية رحمه الله.
وانظر سورة البقرة آية (١٧).
قوله تعالى (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم)
قال مسلم: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن فرات القزاز، عن أبي الطفيل، عن أبي سريحة، حذيفة بن أسيد. قال: كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غرفة ونحن أسفل منه، فاطلع إلينا فقال: ما تذكرون؟ قلنا: الساعة.
قال: إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس.
(الصحيح ٤/٢٢٢٦ بعد رقم ٢٩٠١ -ك الفتن وأشراط الساعة، ب في الآيات التي تكون قبل الساعة).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (وإذا وقع القول عليهم) قال: حق عليهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله: (أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم) قال: تحدثهم.


الصفحة التالية
Icon