قوله تعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)
قال البخاري: حدثنا خلاّد بن يحيى قال، حدثنا سفيان عن أبي بردة بن عبد الله بن أبي بردة عن جده عن أبي موسى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضاً" وشبك أصابعه.
(صحيح البخاري ١/٦٧٤ - ك الصلاة، ب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره ح٤٨١)، وأخرجه مسلم (الصحيح - البر والصلة، ب تراحم المؤمنين ٤/١٩٩٩ ح٢٥٨٥).
قال ابن كثير: (والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) كما قال تعالى (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديداً عنيفا على الكافر، رحيما برا بالأخيار، غضوبا عبوسا في وجه الكافر، ضحوكا بشوشا في وجه أخيه المؤمن كما قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (رحماء بينهم) ألقى الله في قلوبهم الرحمة بعضهم لبعض (تراهم ركعا سجدا) يقول تراهم ركعا أحيانا لله في صلاتهم سجدا أحيانا (يبتغون فضلا من الله) يقول: يلتمسون بركوعهم وسجودهم وشدتهم على الكفار ورحمة بعضهم بعضاً فضلاً من الله، وذلك رحمتهم إياهم، بأن يتفضل عليهم، فيدخلهم جنته (ورضوانا) يقول: وأن يرضى عنهم ربهم.


الصفحة التالية
Icon