قال: إليك عنّي. فوالله! لقد آذاني نتن حمارك. قال: فقال رجل من الأنصار: والله! لحمار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أطيب ريحاً منك. قال: فغضب لعبد الله رجلٌ من قومه. قال: فغضب لكل واحد منهما أصحابه. قال: فكان بينهم ضرب بالجريد وبالأيدي وبالنعال. قال: فبلغنا أنها نزلت فيهم: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما).
(صحيح مسلم ٣/١٤٢٤ - ك الجهاد والسير، ب في دعاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصبره على أذى المنافقين ح١٧٩٩)، (وصحيح البخاري ح٢٦٩١ - ك الصلح، ب ما جاء في الإصلاح). أرض سبخة: هي الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. (النهاية لابن الأثير ٢/٣٣٣).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) فإن الله سبحانه أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمؤمنين إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم الله، وينصف بعضهم من بعض، فإن أجابوا حكم فيهم بكتاب الله، حتى ينصف المظلوم من الظالم، فمن أبي منهم أن يجيب فهو باغ، فحق على إمام المؤمنين أن يجاهدهم ويقاتلهم، حتى يفيئوا إلى أمر الله، ويقروا بحكم الله.
قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ... )
انظر سورة الفتح آية (٢٩) وفيها حديث البخاري عن أبي موسى مرفوعاً: "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبّك أصابعه".
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ…)
قال ابن كثير: ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "الكبر بطر الحق وغمص الناس -ويروي: "وغمط الناس" والمراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المحتقَر أعظم قدرا عند الله وأحب إليه من الساخر منه