قال ابن كثير: يقول تعالى: موهنا أمر الحياة الدنيا ومحقرا لها: (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد) أي: إنما حاصل أمرها عند أهلها هذا، كما قال: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب) ثم ضرب تعالى مثل الحياة الدنيا في أنها زهرة فانية ونعمة زائلة فقال: (كمثل غيث)، وهو المطر الذي يأتي بعد قنوط الناس، كما قال: (وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا) وقوله: (أعجب الكفار نباته) أي: يعجب الزراع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث، وكما يعجب الزراع ذلك كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفار، فإنهم أحرص شيء عليها وأميل الناس إليها (ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما) أي: يهيج ذلك الزرع فتراه مصفرا بعدما كان خضرا نضرا، ثم يكون بعد ذلك كله (حطاما) أي: يصير يبسا متحطما، هكذا الحياة الدنيا أولا تكون شابة ثم تكتهل، ثم تكون عجوزا شوهاء، والإنسان كذلك يكون في أول عمره وعنفوان شبابه غضا طريا بين الأعطاف، بهي المنظر، ثم إنه يشرع في الكهولة فتتغير طباعه وينفد بعض قواه، ثم يكبر فيصير شيخا كبيرا ضعيف القوى قليل الحركة، يعجزه الشيء اليسير، كما قال تعالى: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير).
تقوله تعالى (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
انظر سورة آل عمران آية (١٣٣) وتفسيرها لبيان فضل الاستغفار والحث عليه.


الصفحة التالية
Icon