قال ابن كثير: وقوله (ما ظننتم أن يخرجوا) أي: في مدة حصاركم لهم وقصرها، وكانت ستة أيام، مع شدة حصونهم ومنعتها. ولهذا قال (وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا) أي: جاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال، كما قال في الآية الأخرى (قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون).
قوله تعالى (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ)
انظر سورة آل عمران آية (١٥١)، وسورة الأحزاب آية (٢٦).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين) جعلوا يخربونها من أجوافها، وجعل المؤمنون يخربون من ظاهرها.
قوله تعالى (وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ)
قال مسلم: وحدثني محمد بن رافع وإسحاق بن منصور (قال ابن رافع: حدثنا. وقال إسحاق: أخبرنا عبد الرزاق). أخبرنا ابن جريح عن موسى ابن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر: أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فأجلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بني النضير، وأقرّ قريظة ومَنَّ عليهم.
حتى حاربت قريظة بعد ذلك. فقتل رجالهم، وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين. إلا أن بعضهم لحقوا برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فآمنهم وأسلموا. وأجلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يهود المدينة كلهم: بني قينقاع (وهم قوم عبد الله بن سلام).
ويهود بني حارثة. وكل يهودي كان بالمدينة.
(الصحيح ٣/١٣٨٧-١٣٨٨ - ك الجهاد السير، ب إجلاء اليهود من الحجاز - ح١٧٦٦).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء) : خروج الناس من البلد إلى البلد.


الصفحة التالية
Icon