إلى سوق عكاظ وقد حِيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشُهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماوات وأرسلت علينا الشهب، فقالوا: ما حال بيننا وبين خبر السماء إلا أمر حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء؟ قال: فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها يبتغون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر السماء، فانصرف أولئك النفر الذين توجّهوا إلى نحو تهامة إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو بنخلة عامداً إلى سوق عكاظ وهو يصلى بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبن خبر السماء. قال: فهنالك رجعوا إلى قومهم، فقالوا: (يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً) فأنزل الله على نبيه (قل أوحي إلي أنه استمع) وإنما أوحى إليه قول الجن قال: وبهذا الإسناد عن ابن عباس قال قولُ الجنّ لقومهم (لمّا قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لِبداً) قال: لمّا رأوه يصلي وأصحابه يصلّون بصلاته فيسجدون بسجوده، قال: فعجبوا من طواعية أصحابه له قالوا لقومهم (لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. (السنن ٥/٤٢٦- ٤٢٧ ك التفسير)، وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي)، وأخرجه أحمد في مسنده من طريق أبي عوانه، وصححه أحمد شاكر ح ٢٤٣١، وأخرجه مسلم في (صحيحه- ك الصلاة، ب الجهر بقراءة الصبح ٢/٣٦ طبعة المكتب التجاري بيروت) من طريق أبي عوانه به، سبب نزول قوله تعالى (وأنه استمع نفر من الجن). ونقل ابن كثير عن البيهقي قال: وهذا الذي حكاه ابن عباس رضي الله عنهما إنما هو في أول ما سمعت الجن قراءة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعلمت حاله وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم ثم بعد ذلك أتاه داعي الجن فقرأ عليهم ودعاهم إلى الله عز وجل كما رواه ابن مسعود - رضي الله عنه - (انظر تفسير ابن كثير ٧/٢٧٤) أما حديث ابن مسعود فقد تقدم في سورة الأحقاف آية (٢٩).