قال ابن كثير: ثم قال (ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم)، أي: ولئن جاء نصر قريب من ربك - يا محمد - وفتح ومغانم، ليقولن هؤلاء لكم (إنا كنا معكم) أي: إخوانكم في الدين كما قال تعالى (الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين).
قوله تعالى (وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين)
قال ابن كثير: وقوله (وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين) أي: وليختبرن الله الناس بالضراء والسراء، ليتميز هؤلاء من هؤلاء، ومن يطيع الله في الضراء والسراء، ومن إنما يطيعه في حظ نفسه، كما قال تعالى (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) وقال تعالى بعد وقعة أحد، التي كان فيها ما كان من الاختبار والامتحان (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) الآية.
قوله تعالى (وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم) أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم) قال: قول كفار قريش بمكة لمن آمن منهم، يقول: قالوا: لا نبعث نحن ولا أنتم، فاتبعونا إن كان عليكم شيء فهو علينا.
قوله تعالى (وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم)
قال ابن ماجة: حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني أبي عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فحثّ عليه. فقال رجل: عندي كذا وكذا، قال: فما بقي في المجلس رجل إلا تصدق عليه بما قل أو كثر. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من استنّ خيراً فاستُنَّ به، كان له أجره كاملاً، ومِن أجور من استن به، ولا ينقص من أجورهم شيئاً. ومن استنّ سنة سيئة، فاستن به فعليه وزره كاملاً، ومِن أوزار الذي استن به، ولا ينقص من أوزارهم شيئا".