فغير مسلّم به، لأنّ هذه الآية نزلت باتفاق العلماء يوم عرفة من حجة الوداع قبل نزول سورة النصر، وآية البقرة السابقة.
جمع القرآن:
لم يكن ترتيب القرآن الكريم في آياته وسوره بالنحو التوقيفي في واقعه الموجود في المصاحف الحالية والغابرة متفقا مع أحوال نزول الوحي به، فقد نزل بحسب الوقائع والمناسبات، إما سورة كاملة أو بعض آيات، أو بعض آية، كما عرفنا، ثم جمع ثلاث مرات.
الجمع الأول في عهد النبوة:
حدث الجمع الأول في عهد النّبي صلّى الله عليه وسلّم بحفظه الثابت الراسخ كالنقش في الحجر في صدره عليه الصلاة والسلام، تحقيقا لوعد الله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ
[القيامة ٧٥/ ١٦- ١٩]، وقد عرضه النّبي صلّى الله عليه وسلّم مرات على جبريل عليه السّلام، مرة في كل رمضان، وعرضه عليه مرتين في آخر رمضان قبل الوفاة، ثم قرأه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الناس على نحو هذه العرضات، ثم كتبه الصحابة عنه، وكان كتّاب الوحي خمسا وعشرين كاتبا، والتحقيق أنهم كانوا زهاء ستين، وأشهرهم الخلفاء الأربعة، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان، وأخوه يزيد، والمغيرة بن شعبة، والزبير بن العوام، وخالد بن الوليد، وحفظه أيضا عدد من الصحابة في صدورهم حبّا به، واعتمادا على قوة حافظتهم وذاكرتهم التي اشتهروا بها، حتى إن حروب المرتدين قتل فيها سبعون من القراء، وقد عدّ أبو عبيد في كتاب (القراءات) بعض الحفاظ، فذكر من المهاجرين: الخلفاء الراشدين الأربعة، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن