والإضلال نوعان «١» :
أحدهما- أن يكون سببه الضلال: إما بأن يضل عنك الشيء كقولك:
أضللت البعير، أي ضلّ عني، وإما أن تحكم بضلاله. والضلال في هذين سبب الإضلال.
والثاني- أن يكون الإضلال سببا للضلال: وهو أن يزين للإنسان الباطل ليضلّ.
وإضلال الله تعالى للإنسان على أحد وجهين: إما الحكم عليه بالضلال، أو التّمكين من البقاء في الضلال.
والأول- سببه الضلال: وهو أن يضل الإنسان، فيحكم الله عليه بذلك في الدنيا، ويعدل به عن طريق الجنة إلى النار في الآخرة، وذلك إضلال هو حق وعدل، لأن الحكم على الضال بضلاله والعدول به عن طريق الجنة إلى النار عدل وحق.
والثاني- سببه اختيار الإنسان: وهو أن يختار الإنسان طريق الانحراف، فيمده الله في ضلاله، ويمكّنه من البقاء في طغيانه، ويخلق له القدرة على الاستمرار في كفره وفساده، لذا نسب الله الإضلال للكافر والفاسق، دون المؤمن، بل نفى عن نفسه إضلال المؤمن، فقال: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ [التوبة ٩/ ١١٥]، فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ، سَيَهْدِيهِمْ [محمد ٤٧/ ٤- ٥]، وقال في الكافر والفاسق: فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ [محمد ٤٧/ ٨]، وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ [البقرة ٢/ ٢٦]، كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ [غافر ٤٠/ ٧٤]، وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ [إبراهيم ١٤/ ٢٧]، وعلى هذا النحو

(١) مفردات الراغب للأصفهاني: ص ٣٠٧


الصفحة التالية
Icon