نصر المؤمنين في مواطن كثيرة
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٢٥ الى ٢٧]
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (٢٦) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٧)
الإعراب:
فِي مَواطِنَ امتناعه من الصرف لأنه جمع وعلى صيغة لم يأت عليها واحد. وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ظرف منصوب بالعطف على موضع فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وتقديره: ونصركم يوم حنين.
وعطف الزمان وهو يَوْمَ على المكان وهو مَواطِنَ لأن معناه وموطن يوم حنين، أو في أيام مواطن كثيرة ويوم حنين ويجوز أن يراد بالموطن: الوقت كمقتل الحسين، على أن الواجب أن يكون يَوْمَ حُنَيْنٍ منصوبا بفعل مضمر، لا بهذا الظاهر، وموجب ذلك أن قوله: إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ بدل من يَوْمَ حُنَيْنٍ. أما لو جعل ناصبه هذا الظاهر فلم يصح لأن كثرتهم لم تعجبهم في جميع تلك المواطن، ولم يكونوا كثيرا في جميعها، فصار ناصبه فعلا خاصا به، إلا إذا نصبت إِذْ بإضمار: اذكر. وحُنَيْنٍ: اسم منصرف لأنه اسم مذكر، وهي لغة القرآن، ومن العرب من لا يصرفه، يجعله اسما للبقعة.
البلاغة:
وَيَوْمَ حُنَيْنٍ عطف خاص على عام للتنويه بشأنه، لمجيء النصر بعد اليأس. وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ استعارة، شبه ما حل بهم من الكرب والهزيمة بضيق الأرض على سعتها.