وفي هذا رد واضح على عبدة الأصنام أو الملائكة أو البشر الذين يزعمون أن آلهتهم تشفع لهم عند الله، كما قال تعالى عن عبدة الأصنام: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [الزمر ٣٩/ ٣].
وفيه أيضا إثبات الشفاعة لمن أذن له الله الرحمن.
ذلكم الله، أي الموصوف بتلك الصفات المقتضية للألوهية والربوبية من الخلق والتقدير والحكمة والتدبير والتصرف في الشفاعة، هو ربكم المتولي شؤونكم، لا غيره إذ لا يشاركه أحد في شيء من ذلك.
فاعبدوه، أي أفردوه بالعبادة وحده لا شريك له، أفلا تذكرون، أي أفلا تتفكرون أدنى تفكر في أمركم أيها المشركون، فينبهكم على أنه المستحق للربوبية والعبادة، لا ما تعبدونه من الآلهة، وأنتم تعلمون أنه المتفرد بالخلق كقوله تعالى:
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ؟ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف ٤٣/ ٨٧] وقوله: قُلْ: مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. سَيَقُولُونَ لِلَّهِ، قُلْ: أَفَلا تَتَّقُونَ [المؤمنون ٢٣/ ٨٦- ٨٧].
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ، لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزمر ٣٩/ ٣٨].
فلقد كان العرب يؤمنون بوحدة الربوبية، كما فهم من الآيات المذكورة، ولكنهم يشركون معه غيره في الألوهية، لذا قال تعالى: ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ. ثم دعاهم تعالى إلى التفكر بقوله أَفَلا تَذَكَّرُونَ أي أتجهلون فلا تتذكرون أن الله هو خالق السموات والأرض، فتستدلوا بها عليه؟!
فقه الحياة أو الأحكام:
تدل هذه الآية على ما يأتي:
١- إثبات الألوهية أو وجود الله بإثبات صفة الخلق لله تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ.


الصفحة التالية
Icon