إثبات القدرة الإلهية في الكون بالشمس والقمر واختلاف الليل والنهار
[سورة يونس (١٠) : الآيات ٥ الى ٦]
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)
الإعراب:
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً ضياء: مفعول به ثان لجعل. وَقَدَّرَهُ الضمير إما راجع للشمس والقمر، ووحّد لكنه في معنى التثنية، اكتفاء بالمعلوم، لأن عدد السنين والحساب إنما يعرف بسير الشمس والقمر مثل قوله تعالى: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ [التوبة ٩/ ٦٢].
وإما أن يكون الضمير راجعا إلى القمر وحده لأن بسير القمر تعرف الشهور، والشهور المعتبرة في الشريعة هي الشهور القمرية، المبنية على رؤية الأهلة، وكذلك السنة المعتبرة في الشريعة هي السنة القمرية، كما قال تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ [التوبة ٩/ ٣٦].
المفردات اللغوية:
ضِياءً ذات ضياء أي نور نُوراً أي ذا نور، وسمي نورا للمبالغة، وهو أعم من الضوء. وقيل: ما بالذات ضوء، وما بالاكتساب من غيره نور، وقد نبه تعالى بذلك على أنه خلق الشمس نيّرة في ذاتها، والقمر نيرا بالاكتساب من الشمس وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ الضمير لكل واحد من الشمس والقمر، أي قدر مسير كل واحد منهما منازل أو قدر القمر ذا منازل، والتقدير: جعل الأشياء على مقادير مخصوصة، والمنازل: مكان النزول لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ أى لتعلموا بذلك حساب الأوقات من السنين والأشهر والأيام في معاملاتكم وتصرفاتكم ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ المذكور إلا خلقا ملتبسا بالحق، مراعيا فيه مقتضى الحكمة البالغة، لا عبثا. لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ يتدبرون، فإنهم المنتفعون بالتأمل فيها.


الصفحة التالية
Icon