الرسل الذين كذبوا بهم مثل قوم نوح وعاد وثمود، وإما بإضعافهم واستيلاء الأمم القوية عليهم بسبب ظلم الأفراد بالفسق والفجور أو ظلم الحكام.
لقد أهلكناهم لما كذبوا بالبينات الدالة على صدق رسلهم، وما كانوا ليؤمنوا، أي وما كانوا يؤمنون حقا، وهو تأكيد لنفي إيمانهم، وأن الله قد علم منهم أنهم يصرون على الكفر، وأن الإيمان مستبعد منهم. والمعنى: أن السبب في إهلاكهم تكذيبهم الرسل، وعلم الله أنه لا فائدة في إمهالهم بعد أن ألزموا الحجة ببعثة الرسل.
كذلك.. أي مثل ذلك الجزاء أي الإهلاك، نجزي كل مجرم. وهذا وعيد شديد لأهل مكة على إجرامهم بتكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
ثم خاطب الله الذين بعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلّم بقوله: ثُمَّ جَعَلْناكُمْ أي جعلناكم خلفاء في الأرض بعد تلك القرون التي أهلكنا، لننظر أتعملون خيرا أم شرا، وننظر طاعتكم لرسولنا واتباعكم له.
وفي هذا بيان بأن أمة الإسلام ستكون لها الخلافة في الأرض إذا لازمت الطاعة واتبعت هدي القرآن: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ، كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
[النور ٢٤/ ٥٥] وقد تمت هذه فملكوا ملك كسرى وقيصر وفرعون وكثير من الأمم. وجاء في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت من النساء».
والخلافة منوطة بالأعمال الصالحة، لا بمجرد الوراثة للصفة الإسلامية.