الله. وقوله: قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا يعني لا يخافون يوم البعث والحساب ولا يرجون الثواب، أي أنهم مكذبون بالحشر والنشر.
فأمره الله أن يقول ردا عليهم: ما يصح لي وليس من شأني أن أبدل هذا القرآن من قبل نفسي، فإني ما أتبع فيه إلا ما يوحى إلي، وهو ما أبلّغكم به، وما علي إلا البلاغ، فهو كلام الله تعالى، والمتبع لغيره في أمر ليس له التصرف فيه.
وإنما اكتفى بالجواب عن التبديل، لاستلزام امتناعه امتناع الإتيان بقرآن آخر.
فقوله: إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ تعليل لما يكون، ثم أكد ما سبق بقوله: إِنِّي أَخافُ.. أي إني أخشى إن ارتكبت أي مخالفة أو عصيان لما أمر ربي عذاب يوم عظيم هو عذاب النار يوم القيامة.
وفيه إيماء بأنهم استوجبوا العذاب بهذا الاقتراح.
ثم احتج لهم في مجال صحة ما جاءهم به، وهو جواب عن طلبهم الأول تغيير القرآن، بقوله: قُلْ: لَوْ شاءَ اللَّهُ.. أي قل لهم أيها الرسول: لو شاء الله ألا أتلو عليكم هذا القرآن ما تلوته عليكم، فإنما أتلوه بأمره، وجئتكم به بإذنه، وأفعل ذلك بمشيئته وإرادته. ولو شاء الله ألا يعلمكم به بإرسالي إليكم، لما أرسلني، ولما أعلمكم الله به، ولا أخبركم به، ولكنه شاء أن يرفدكم بهذا الكتاب المشتمل على الهدى والسعادة: وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ، هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف ٧/ ٥٢].
والدليل على ما أقول أني لبثت فيكم مقدار عمر أربعين سنة من قبل نزول القرآن، لا أتلو شيئا منه ولا أعلمه أَفَلا تَعْقِلُونَ أي أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر في أن من عاش أميا أربعين سنة، لم يقرأ كتابا، ولا تعلم من