ومفعول يَتَّبِعُ قام مقامه: إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ، ولا ينتصب الشركاء ب يَتَّبِعُ لأنك تنفي عنهم ذلك، والله تعالى قد أخبر به عنهم.
وإن كانت ما بمعنى الاستفهام، والمراد به الإنكار والتوبيخ، كانت اسما في موضع نصب ب يَتَّبِعُ، وتقديره: وأي شيء يتبع الذين يدعون.
البلاغة:
وَالنَّهارَ مُبْصِراً استعارة، شبه النهار بالإنسان لأن الناس يبصرون فيه، فكأن ذلك صفة الشيء بما هو سبب له أي للإبصار على طريق المبالغة، كما قالوا: ليل أعمى وليلة عمياء، إذا لم يبصر الناس فيها شيئا لشدة إظلامها.
المفردات اللغوية:
وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إشراكهم وتهديدهم وتكذيبهم وقولهم لك: لست مرسلا إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ استئناف بمعنى التعليل، والْعِزَّةَ: الغلبة والقوة والمنعة هُوَ السَّمِيعُ لأقوالهم الْعَلِيمُ بعزماتهم وأفعالهم، فيجازيهم عليها وينصرك عليهم.
أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ من الملائكة والثقلين: الإنس والجن، ملكا وخلقا وعبيدا. قال البيضاوي: وإذا كان هؤلاء الذين هم أشرف الممكنات عبيدا، لا يصلح أحد منهم للربوبية، فما لا يعقل منها- وهي الأصنام- أحق ألا يكون له ندا وشريكا، فهو كالدليل على قوله. وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ يعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ أي غيره أصناما شُرَكاءَ له على الحقيقة، تعالى الله عن ذلك إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ أي ما يتبعون في ذلك يقينا، وإنما يتبعون ظنهم أنها شركاء، أو أنها آلهة تشفع لهم وَإِنْ هُمْ ما هم إِلَّا يَخْرُصُونَ أي يكذبون فيما ينسبون إلى الله، فيستعمل الخرص بمعنى الكذب لأنه يغلب فيه الحزر والتخمين، والأصل في الخرص:
الحزر والتقدير، ويجوز أن يراد: يحزرون ويقدرون أنها شركاء تقديرا باطلا.
وَالنَّهارَ مُبْصِراً أي ذا إبصار، وإسناد الإبصار إلى النهار مجاز لأنه يبصر الناس فيه، وإنما قال مبصرا، ولم يقل: لتبصروا فيه، تفرقة بين الظرف المجرد والظرف الذي هو سبب لَآياتٍ دلالات على وحدانيته تعالى لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ سماع تدبر واعتبار أو اتعاظ.
المناسبة:
بعد أن أورد الله تعالى أنواع شبهات المشركين في هذه السورة، وأجاب