والعجزة والمرضى والمعذّرين المفسدين، فكان شأنهم قبول المهانة والمذلة والانتظام في جملة الخوالف، وذلك من أخس مظاهر الخزي والعارفي عرف العرب وغيرهم.
وقد تكرر هذا مع الآية السابقة [٨٧] لترسيخ هذا الوصف فيهم، وللتأكيد في التحذير من سوء أفعالهم.
وترتب على تقصيرهم ما قاله تعالى في الآيتين: وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ... أي وختم عليها، حتى لا يصل إليها الخير، ولا ينفذ إليها النور، فهم لذلك لا يهتدون، ولا يعلمون ما في الجهاد من منافع الدين والدنيا، بسبب ما أحاطت بهم خطاياهم وذنوبهم، فأصبحوا لا يدركون حقيقة أمرهم، وسوء عاقبتهم.
فقه الحياة أو الأحكام:
الإسلام دين العقل والمنطق والواقعية، كما أنه دين الرحمة والحق والعدل، لذا فإنه تعالى نفى السبيل على المحسنين، أي رفع العقوبة والإثم عن المؤمنين ذوي الأعذار، وأوجب العقوبة والمأثم على المنافقين المستأذنين وهم أغنياء ذوو قدرة على الجهاد بالمال والنفس. وقد كرر تعالى ذكرهم للتأكيد في التحذير من سوء أفعالهم.
فلا عذر لهم بالتخلف عن الجهاد، وإنما كان السبب في استئذانهم رضاهم بالدناءة والخسة، وخذلان الله تعالى إياهم، وأن الله طبع على قلوبهم، بسبب سوء أعمالهم.
ويا لها من خسارة! فقد شلّ فيهم عنصر أو أداة التمييز بين الخير والشر، وبين المصلحة والضرر. وإنهم خسروا الدنيا والآخرة، ففي الدنيا أصبحوا قوما منبوذين عن المجتمع، وفي الآخرة ينتظرهم العذاب الأليم.


الصفحة التالية
Icon