ذكر هنا طريق خلاصه من تلك المحنة عن طريق قافلة تجار ذاهبة إلى مصر، فأخذوه وباعوه فيها.
التفسير والبيان:
ومرّ بالبئر جماعة مسافرون مارّون من مدين إلى مصر، روي أنهم من العرب الإسماعيليين، بعد أن مكث يوسف في البئر ثلاثة أيام، كان يتردد عليه بالطعام أخوه يهوذا، وذكر محمد بن إسحاق أن إخوته بعد إلقائه في الجب، جلسوا قريبا من تلك البئر، فساق الله له سيارة، فأرسلوا واردهم (وهو الذي يبحث عن الماء ليسقي القوم فلما جاء إلى البئر، وأدلى دلوه فيها، تشبّث يوسف عليه السّلام بها، وخرج من البئر.
فقال مبشرا جماعته السيارة: يا بشرى هذا غلام، أي هذه أوان البشرى فاحضري، هذا غلام وسيم جميل صبوح ظريف، كما تقول: يا أسفا، ويا حسرتا. فاستبشروا به فهو غلام يباع.
وأخفوه عن الناس، ليكون بضاعة لهم يتاجرون فيه ويبيعونه لأهل مصر، والله عليم بما يعملون لا يخفى عليه شيء من أفعال هؤلاء وغيرهم، وعليم بما يفعله إخوة يوسف ومشتروه، وهو قادر على تغيير الواقع ودفعه، ولكن له حكمة وقدر سابق، فترك الأمر ليمضي ما قدره وما قضاه: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [الأعراف ٧/ ٥٤].
والبائع: إما إخوة يوسف، كما روي عن ابن عباس، والتجار هم الذين اشتروه والذين أسرّوه بضاعة هم إخوة يوسف، لما استخرج من الجبّ. وإما أن البائع هم السّيارة، والمشتري: واحد من أهل مصر.
وفي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلّم عما كان يلقاه من أذى قومه المشركين، وإعلام له بأن الله عالم بأذى قومك لك، فإنه قادر على تغيير الأذى، ولكن