هذه هي الأدلّة السّماوية على وحدانية الله تعالى وكمال قدرته، أتبعها بالأدلّة الأرضيّة، وهي: وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ أي والله تعالى هو الذي جعل الأرض متّسعة، منبسطة للحياة، ممتدة في الطول والعرض، ليتمكّن الإنسان والحيوان من التّنقل فيها بسهولة، والانتفاع بخيراتها النّباتية والمعدنية كقوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً [النّبأ ٧٨/ ٦]. ولا يمنع انبساط الأرض للحياة في أجزائها أنها غير كروية أو مسطّحة في حجمها الكلي، فقد أشار القرآن الكريم لكرويتها في آيات أخرى منها: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ، وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ [الزّمر ٣٩/ ٥] والتّكوير: اللف على الجسم المستدير، فهي مبسوطة ممدودة في نظرنا لنعيش عليها.
وأرساها بجبال راسيات شامخات، وأجرى فيها الأنهار والجداول والعيون، لسقاية ما فيها من الثّمرات المختلفة الألوان والأشكال والطّعوم والرّوائح.
وجعل فيها من كلّ صنف من أصناف الثّمار زوجين اثنين أي ذكرا وأنثى، فالشّجر والزّرع لا ينتجان الثّمر والحبّ إلا من عضوين: ذكر وأنثى، وجعل أيضا من كلّ ثمر صنفين، إما من حيث الطّعم كالحلو والحامض، أو من حيث اللون كالأسود والأبيض، أو الطّبيعة كالحار والبارد.
ونظير الآية قوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً، وَالْجِبالَ أَوْتاداً، وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً [النّبأ ٧٨/ ٦- ٨].
يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ أي يغطي الله ضوء النّهار بظلمة الليل، ويطرد ظلام الليل بنور النّهار، كما قال تعالى: وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً، وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً [النّبأ ٧٨/ ٩- ١١]، وقال تعالى: أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً [النّمل ٢٧/ ٨٦]، وقال تعالى: وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ [الرّوم ٣٠/ ٢٣].