شيء، كما قال: وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى [طه ٢٠/ ٧] وقال: وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ [النمل ٢٧/ ٢٥].
وقالت عائشة رضي الله عنها: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات، والله لقد جاءت المجادلة، تشتكي زوجها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنا في جنب البيت، وإنه ليخفى عليّ بعض كلامها، فأنزل الله: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها، وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ، وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما، إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة ٥٨/ ١].
وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ أي يعلم أيضا ما هو مختف في قعر بيته في ظلام الليل، والتنصيص على هذه الحالة تنبيه على رقابة الله في كل مكان قد يظن صاحبه أنه بتواريه عن أنظار الناس، لا يطلع عليه أحد.
وَسارِبٌ بِالنَّهارِ أي ظاهر ماش في ضوء النهار، فإن كلاهما في علم الله على السواء، كقوله تعالى: وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ، وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ، وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ، وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ، وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ، وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [يونس ١٠/ ٦١].
ثم ذكر الله تعالى وسيلة إثبات المعلومات وخزائن المعارف والوقائع لمواجهة أصحابها بها مع علمه تعالى بكل شيء، وهي: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أي للإنسان ملائكة حفظة، ملائكة في الليل تعقب ملائكة النهار، وبالعكس فهم يتعاقبون يتعاقبون على حراسته وحفظه من المضار ومراقبة أحواله، ويتعقبون أعمال العباد ويتبعونها بالحفظ والتدوين أو الكتابة، سواء خيرا أو شرا. فالضمير عائد إلى مِنْ في قوله: سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وقيل: الضمير يعود على اسم الله في عالم الغيب والشهادة.