«لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك» وكما أخبر القرآن عنهم: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [الزّمر ٣٩/ ٣]. وتضمن هذا الاستفهام التعجب منهم والإنكار عليهم والتهكم بهم.
وبعد أن ناقشهم تعالى في فساد اعتقادهم، وأبان عدم وجود المسوغات لاتخاذ غير الله إلها معه، لعجزه وضعفه، قرر الحكم النهائي بقوله: قُلِ: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ.. أي قل لهم يا محمد مبينا وجه الحق: الله خالق كل شيء، خالقكم وخالق أصنامكم وخالق جميع المخلوقات، فإذا فكرتم تفكيرا سويا وجدتم أن الله هو المتفرد بالخلق والإيجاد وهو المتوحد بالألوهية، المستحق للعبادة وحده، الغالب على كل شيء، فكيف تعبدون أصناما لا تنفع ولا تضر؟!
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآية على ما يأتي:
١- تثبيت الحقيقة الأبدية الخالدة وهي أن الله تعالى وحده هو خالق السموات والأرض وجميع مخلوقات الكون.
ومن له صفة الخلق والإيجاد هو المستحق للعبادة والتقديس.
٢- دل قوله: قُلْ: أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ على اعترافهم بأن الله هو الخالق، وهو معنى آية أخرى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ: اللَّهُ [العنكبوت ٢٩/ ٦١] أي فإذا اعترفتم بأن الله هو الخالق فلم تعبدون غيره؟ وذلك الغير لا ينفع ولا يضر، وهو إلزام صحيح بالحجة القاطعة التي لا مجال لردها أو الطعن فيها.
٣- ضرب الله مثلا للمشركين بالأعمى للكافر والبصير للمؤمن، وإذا كان مسلّما لدى كل البشر ألا يستوي الأعمى والبصير، فكذلك لا يستوي المؤمن الذي يبصر الحق والمشرك الذي لا يبصر الحق.