السيئة بالحسنة، فيجازون الإساءة بالإحسان كالأذى بالصبر، والجهل بالحلم، أو يتبعون السيئة الحسنة، فتمحوها. عُقْبَى الدَّارِ أي العاقبة المحمودة في الدار الآخرة، وهي جَنَّاتُ عَدْنٍ إقامة يقيمون فيها. وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ أي ومن صلح، وإن لم يعملوا بعملهم، يكونون في درجاتهم تكرمة لهم، وهو دليل على أن الدرجة تعلو بالشفاعة، والتقييد بالصلاح دلالة على أن مجرد الأنساب لا تنفع. مِنْ كُلِّ بابٍ من أبواب الجنة أو من أبواب المنازل، أول دخولهم للتهنئة. سَلامٌ قائلين: سلام عليكم، بشارة بدوام السلامة. بِما صَبَرْتُمْ بصبركم في الدنيا. فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ عقباكم.
المناسبة:
هذه الآية متعلقة بما قبلها، فهي تذكر الصفات الحميدة لأولي الألباب، أو الصفات المذكورة في قوله تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ ومن اتصف بهذه الصفات لهم سعادة الدنيا والآخرة.
التفسير والبيان:
يصف الله تعالى أولي الألباب من المؤمنين الذين تحققوا من نبوة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم واعتقدوا أن ما أنزل إليه هو الحق، يصفهم بالصفات التالية:
١- الوفاء بالعهد:
الذين يوفون بما عقدوه على أنفسهم من الاعتراف بربوبية الله تعالى، وبالمواثيق بينهم وبين ربهم، وبينهم وبين العباد. وعهد الله: كل ما قام الدليل على صحته من الأدلة العقلية والسمعية، والعهد: اسم للجنس، أي بجميع فروض الله، وهي أوامره ونواهيه التي وصى بها عبيده، ويدخل فيه التزام جميع الفروض، وتجنب جميع المعاصي.
٢- عدم نقض الميثاق:
أي لا يخلّون بواجبات العهد والتزاماته، ولا ينقضون عهد الإيمان مع ربهم، ولا بالعقود التي يبرمونها مع الناس من بيع وشراء وسائر المعاملات، حتى لا يكونوا