المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى صفات السعداء وجزاءهم الذي أعده لهم في دار الكرامة، ذكر حال الأشقياء وما هيأه لهم من عذاب النار، وأتبع الوعد بالوعيد، والثواب بالعقاب، على ما هي عليه عادة القرآن للموازنة والمقابلة، وليكون البيان كاملا فيكون أدعى للامتثال والزجر، فقال: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ.
التفسير والبيان:
وصف الله تعالى الأشقياء بصفات ثلاث هي:
١- نقض العهد: والذين ينقضون عهد الله الذي ألزمه عباده وأمر به.
سواء ما يتعلق به سبحانه من الإيمان بوحدانيته وقدرته وإرادته، والإيمان بأنبيائه ورسله وكتبه وما أوحى لهم به، أو ما يتعلق بحقوق الناس.
ونقض العهد: بألا ينظر في الأدلة الدالة على وجود الله وتوحيده أصلا، أو بأن ينظر فيها ويعلم صحتها ثم يعاند، فلا يعمل بعلمه، أو بأن ينظر في الشبهة، فيعتقد خلاف الحق.
وقوله: مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ أي من بعد الإقرار بصحته والالتزام به.
٢- قطع ما أمر الله به أن يوصل، أي قطع كل ما أوجب الله وصله، من لإيمان به وبرسله، وقطع الرحم والقرابات، وعدم صلة المؤمنين وسائر أصحاب الحقوق وعدم التعاون معهم.
٣- الإفساد في الأرض، أي ويفسدون في الأرض بأعمالهم الخبيثة، يظلمون أنفسهم وغيرهم، ويدعون إلى غير دين الله، ويلحقون الظلم بالنفوس