كِتابٌ أي هو كتاب. لِتُخْرِجَ النَّاسَ بدعائك إياهم إلى ما تضمنه. مِنَ الظُّلُماتِ من أنواع الضلال والكفر. إِلَى النُّورِ إلى الهدى والإيمان. بِإِذْنِ رَبِّهِمْ بأمره وتيسيره وتسهيله وتوفيقه. إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ إلى طريق الغالب، المحمود المثنى عليه من نفسه ومن عباده. وإضافة الصراط إلى الله تعالى إما لأنه مقصده أو المظهر له. والتخصيص بالوصفين المذكورين للتنبيه على أنه لا يذل سالكه، ولا يخيب سابله.
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ملكا وخلقا وعبيدا. وَيْلٌ هلاك وعذاب.
يَسْتَحِبُّونَ يختارون. وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بتعويق الناس عن الإيمان، واعتناق دين الإسلام. وَيَبْغُونَها عِوَجاً يطلبون السبيل معوجة، أو يطلبون لها زيغا واعوجاجا وانحرافا عن الحق ليقدحوا فيه. أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ أي الكافرون ضلوا عن الحق وانحرفوا عنه.
بِلِسانِ بلغة. لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ليفهمهم ما أتى به، ويوضح لهم ما آمروا به، فيفقهوه عنه بيسر وسرعة، ثم ينقلوه لغيرهم، فإنهم أولى الناس بالدعوة، وأحق بالإنذار.
فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ فيخذله عن الإيمان. وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ بالتوفيق له. وَهُوَ الْعَزِيزُ في ملكه، فلا يغلب على مشيئته. الْحَكِيمُ في صنعه، فلا يهدي ولا يضل إلا لحكمة.
التفسير والبيان:
هذا كتاب أنزلناه إليك يا محمد، وهو القرآن العظيم، لتخرج الناس به مما هم فيه من ظلمات الكفر والضلال والغي والجهل، إلى نور الإيمان والهدى والرشد، بما اشتمل عليه من أصول الحكم السديد، والدعوة إلى الحياة الكريمة والمدنية والحضارة السامقة، كما قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ، يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ [البقرة ٢/ ٢٥٧] وقال عز وجل: هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ، لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [الحديد ٥٧/ ٩].
وقد دلت الآية على أن القرآن موصوف بكونه منزلا من عند الله تعالى.
بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أي بتوفيقه وتيسيره، فهو الهادي بإرسال نور الهداية إلى قلوبهم. لكن أسند الفعل لِتُخْرِجَ إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم لأنه الداعي والمبلّغ.


الصفحة التالية
Icon