بنو إسرائيل تحت قهر فرعون واستعباده، وإما نعمة كإنجائهم من عدوهم، وفلق البحر لهم، وإنزال المن والسلوى عليهم.
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ.. أي إن في ذلك التذكير لدلائل على وحدانية الله وقدرته، وإن فيما صنعنا ببني إسرائيل حين أنقذناهم من بطش فرعون، وأنجيناهم مما كانوا فيه من العذاب المهين لعبرة، لكل كثير الصبر على الطاعة والبلاء أو الضراء، شكور في حال النعمة والرفاه والسرور. قال قتادة: نعم العبد عبد إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر.
وجاء في صحيح البخاري عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن أمر المؤمن كله عجب، لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته ضرّاء صبر، فكان خيرا له، وإن أصابته سرّاء، شكر، فكان خيرا له».
فعلى المسلم أن يكون صابرا شكورا، يصبر عند البلاء والمحنة، ويشكر عند الرخاء والنعمة.
وَإِذْ قالَ مُوسى... واذكر حين قال موسى لقومه: يا قوم، تذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون، وما كانوا يذيقونكم من العذاب والإذلال، ويكلفونكم من الأعمال ما لا تطيقون، وكانوا يذبحون أبناءكم المولودين الصغار، خوفا من ظهور ولد يكون سببا في تدمير ملك فرعون، كما فسرت الرؤيا لفرعون مصر، وكانوا يتركون الإناث أحياء ذليلات مستضعفات، وذلك من أعظم البلاء، فأنقذكم الله من عذابهم، وهذه نعمة عظيمة.
وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ أي وفيما ذكرت لكم اختبار عظيم من ربكم، سواء في حال النقمة، أو في حال النعمة، ليعرف الإنسان أيشكر أم يكفر؟! كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً، وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ
الأنبياء ٢١/ ٣٥] وقال سبحانه: وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأعراف ٧/ ١٦٨].