ثم بيّن تعالى مهمة الرسل فقال: أَنْ أَنْذِرُوا.. أي لينذروا الناس الكفرة ويعلموهم أنه لا إله إلا الله، فاتقوا عقابي لمن خالف أمري وعبد غيري.
فقه الحياة أو الأحكام:
أجابت الآيات عن شبهات ثلاث للمشركين: قيام الساعة ونزول العذاب، والشرك والشركاء، والنبوة والوحي.
أما الموضوع الأول: فقد أعلن تعالى أن قيام الساعة ونزول العذاب والهلاك متحقق كائن لا محالة، ولكنه مرتبط بوقت معين مقدر في علم الله تعالى، وهو أمر قريب، فلا داعي للاستعجال بوقوعه، والتعجيل بحدوثه.
وأما الموضوع الثاني: فقد نزه الله تعالى نفسه عن الشرك والإشراك، وعن الشريك والولد وعن الأوثان والأنداد، وعما يصفونه به من أنه لا يقدر على قيام الساعة، لقولهم: لا يقدر أحد على بعث الأموات، فوصفوه بالعجز الذي لا يوصف به إلا المخلوق. والتنزيه يتضمن إثبات القدرة المطلقة لله، والوحدانية التامة، واستحقاق العبادة المستقلة به المخلصة له، وإبطال ما زعموه من شفاعة الأصنام.
وأما الموضوع الثالث: فقد أبان تعالى أنه الذي ينزل بالروح، أي بالوحي وهو النبوة، على من اختارهم الله للنبوة، من طريق الملائكة، ولا يحدث شيء من تنزل الوحي إلا بأمره وإذنه تعالى، وختمت الآية بالتحذير من عبادة الأوثان، والإنذار بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فليتقوا عقاب الله إذا خالفوا أمره وعبدوا غيره.
وأفادت الآية كما لا حظنا أن وصول الوحي من الله تعالى إلى الأنبياء لا يكون إلا بالملائكة، كما قال تعالى في آخر سورة البقرة: وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ


الصفحة التالية
Icon