تعالى الآية بقوله: إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ أي ربكم الذي قيض لكم هذه الأنعام وسخرها لكم كثير الرأفة والرحمة بعباده، فقد جعلها لهم مصدر رزق وخير كبير، وأداة منافع وجلب مصالح، كما قال سبحانه: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً، فَهُمْ لَها مالِكُونَ. وَذَلَّلْناها لَهُمْ، فَمِنْها رَكُوبُهُمْ، وَمِنْها يَأْكُلُونَ [يس ٣٦/ ٧١- ٧٢].
وامتن الله تعالى على الناس بثروة حيوانية أخرى هي: وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ.. وخلق لكم الخيل والبغال والحمير أيضا، وجعلها للركوب والزينة بها أي تتزينون بها، مع منافع أخرى.
ثم جاء دور الامتنان بوسائل النقل والمواصلات الحديثة: وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ أي ويخلق لكم غير هذه الحيوانات من وسائل النقل كالقطارات والسيارات والسفن والطائرات وغيرها.
ثم في هذا العالم السماوي والأرضي والحيواني، يرشد تعالى إلى الطريق السوي من الطرق المعنوية الدينية والحياتية فقال: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ.. أي وعلى الله فضلا وتكرما بيان الطريق الواضح الموصل إلى الحق والخير، بإقامة الأدلة وإنزال الكتب وإرسال الرسل، كما قال تعالى: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ، فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام ٦/ ١٥٣] وقال سبحانه: قالَ: هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ [الحجر ١٥/ ٤١].
وكثيرا- كما قال ابن كثير- ما يقع في القرآن العبور من الأمور الحسية إلى الأمور المعنوية النافعة الدينية، كقوله تعالى في الحج: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى [البقرة ٢/ ١٩٧] وقوله سبحانه: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً، وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ [الأعراف ٧/ ٢٦].
ثم قال سبحانه محذرا من متاهات الطرق: وَمِنْها جائِرٌ أي ومن


الصفحة التالية
Icon