سبب نزول آية الإسراء:
ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم لقريش الإسراء به وتكذيبهم له، فأنزل الله ذلك تصديقا له.
فبعد أن عاد النبي صلّى الله عليه وسلم من الإسراء والمعراج، خرج إلى المسجد الحرام، وأخبر به قريشا، فتعجبوا منه لاستحالة ذلك في نظرهم، وارتد ناس ممن آمن به، وسعى رجال إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه، فقال: إن كان قال، لقد صدق، فقالوا: تصدقه على ذلك؟ قال: إني لأصدقه على أبعد من ذلك، فسمي «الصديق». واستنعته طائفة سافروا إلى بيت المقدس، فجلّي له، فطفق ينظر إليه، وينعته لهم، فقالوا: أما النعت فقد أصاب، فقالوا: أخبرنا عن عيرنا، فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها، وقال: تقدم يوم كذا مع طلوع الشمس، يقدمها جمل أورق «١»، فخرجوا ينشدون العير إلى الثنية، فصادفوا العير، كما أخبر، ثم لم يؤمنوا، وقالوا: ما هذا إلا سحر مبين.
رأي العلماء في الحادث:
الأكثر على أنه أسري بجسده إلى بيت المقدس، ثم عرج به إلى السموات، حتى انتهى إلى سدرة المنتهى، ولذلك تعجبت قريش واستحالوه.
قال أبو حيان: والظاهر أن هذا الإسراء كان بشخصه، ولذلك كذبت قريش، وشنعت عليه، وحين قص ذلك على أم هانئ قالت: لا تحدّث الناس بها، فيكذبوك، ولو كان مناما، ما استنكر ذلك، وهو قول جمهور أهل العلم، وهو الذي ينبغي أن يعتقد. وحديث الإسراء مروي في المسانيد عن الصحابة في كل أقطار الإسلام، وذكر أنه رواه عشرون من الصحابة «٢».

(١) الجمل الأورق من الإبل: الذي في لونه بياض إلى سواد، وهو أطيب الإبل لحما، وليس بمحمود عندهم في عمله وسيره.
(٢) البحر المحيط: ٦/ ٥.


الصفحة التالية
Icon