الله إليك فحسب، ولا تزيد، من غير تجهيل لهم، ولا تعنيف في الرد عليهم، كما قال تعالى: وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل ١٦/ ١٢٥] وقال: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت ٢٩/ ٤٦].
وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً أي ولا تسأل أحدا منهم عن قصتهم سؤال متعنت لأن ذلك خلاف ما وصيت به من المداراة والمجاملة، ولا سؤال مسترشد لأن الله قد أرشدك، بأن أوحى إليك قصتهم.
وهذا يدل على عدم جواز الرجوع إلى أهل الكتاب في شيء من العلم.
إرشاد للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ولأمته بتعليق الخبر بمشيئة الله:
وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ: إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً.. أي لا تقولن أيها الرسول لأجل شيء عزمت على فعله في المستقبل: إني سأفعل ذلك غدا إلا بأن تقرنه بمشيئة الله عز وجل، فتقول: إن شاء الله، كما
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفهن الليلة على سبعين امرأة- وفي رواية مائة امرأة- تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله، فقيل له- وفي رواية قال له الملك-: قل: إن شاء الله، فلم يقل، فطاف بهن، فلم يلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: والذي نفسي بيده، لو قال: إن شاء الله، لم يحنث، وكان دركا لحاجته».
وفي رواية: «ولقاتلوا في سبيل الله فرسانا أجمعون».
وقد عرفنا سبب نزول هذه الآية في
قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لما سئل عن قصة أصحاب الكهف: «غدا أجيبكم»
فتأخر الوحي خمسة عشر يوما.
وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ أي واذكر مشيئة ربك، وقل: إن شاء الله إذا فرط منك نسيان لذلك، والمعنى إذا نسيت كلمة الاستثناء، ثم تنبهت، فتداركها بالذكر، سواء طال الفصل أو قصر، عن ابن عباس رضي الله عنهما: ولو بعد


الصفحة التالية
Icon