٢- كان إيواء الفتية المؤمنين إلى الكهف من أبناء أشراف مدينة «دقيانوس» الملك الكافر فرارا بدينهم من فتنة الكافرين عبدة الأصنام. وهذا دليل صريح في الفرار بالدين وهجرة الأهل والبنين والقرابات والأصدقاء والأوطان والأموال، خوف الفتنة وما يلقاه الإنسان من المحنة. وقد خرج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فارّا بدينه، وكذلك أصحابه، كما نص الله تعالى في سورة براءة. إنهم هجروا أوطانهم، وتركوا أرضهم وديارهم وأهاليهم وأولادهم وقراباتهم وإخوانهم، رجاء السلامة بالدين والنجاة من فتنة الكافرين.
وهذه الحالة المستثناة لجواز العزلة عن الناس باتفاق العلماء مقصورة على حال خشية الفتنة في الدين. وأما ما عدا ذلك فالمخالطة أفضل من العزلة،
روى البغوي وأحمد والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالطهم، ولا يصبر على أذاهم».
٣- لما فر أصحاب الكهف ممن يطلبهم اشتغلوا بالدعاء، ولجؤوا إلى الله تعالى قائلين: رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً أي آتنا مغفرة ورزقا، وهيّئ لنا توفيقا للرشاد والسداد والصواب.
وقد اختلف الناس في زمان أصحاب الكهف في مكانهم، أما الزمان الذي كانوا فيه: فقيل: إنهم كانوا قبل موسى عليه السلام، وإن موسى ذكرهم في التوراة، ولهذا السبب فإن اليهود سألوا عنهم، وقيل: إنهم دخلوا الكهف قبل المسيح ثم بعثوا بعد عيسى وقبل محمد، وقيل: إنهم دخلوا الكهف بعد المسيح.
وأما مكان هذا الكهف فلا يعرف على وجه اليقين، ويقال: إنه في بلاد الروم أي في جنوب تركيا اليوم في طرسوس، وهو الظاهر.
٤- كان من تدبير الله تعالى لأهل الكهف للمكث فيه راقدين (٣٠٩) سنوات