وفي قوله سبحانه وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً دليل على منع المسلمين من مراجعة أهل الكتاب في شيء من العلم.
١٧- السّنة والأدب الشرعيان يقتضيان تعليق الأمور المستقبلية بمشيئة الله تعالى للآية وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ: إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً، إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ.
والآية ليست في الأيمان، وإنما هي في سنة الاستثناء في غير اليمين، بأن يقول:
إن شاء الله.
ويؤمر الإنسان بالذكر بعد النسيان، أي بذكر مشيئة الله عند التذكر ولو بعد حين، سنة أو أقل، أو أكثر.
١٨- أخبر تعالى في قوله: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ... عن مدة لبث أهل الكهف، وهي ثلاث مائة وتسع سنوات، كانوا في هذه المدة نياما، لا أمواتا. وأمر الله تعالى برد العلم بمدتهم إلى الله عز وجل، كما أمر بذلك في معرفة عددهم لأن الله تعالى أعلم بكل شيء، وأعلم بغيب السموات والأرض وما فيها من أحوال المخلوقات، ولا شريك له ولا مشير، ولا نصير ولا معين ولا وزير.
والظاهر أن أهل الكهف ماتوا موتا حقيقيا، وإن كان لا مانع شرعا من بقاء أجسادهم محفوظة، لم يطرأ عليها البلى والفناء لأن أجساد الأنبياء والشهداء والعلماء الصالحين لا تفنى ولا تبلى.
١٩- العبرة من القصة: دلت هذه القصة على أن الله قادر على البعث والقيامة لأن إثبات البعث والقيامة يدور على أصول ثلاثة: أحدها- أنه تعالى قادر على كل الممكنات، والثاني- أنه تعالى عالم بجميع المعلومات الكليات والجزئيات، والثالث- أن كل ما كان ممكن الحصول في بعض الأوقات كان ممكن الحصول في سائر الأوقات.


الصفحة التالية
Icon