واصفا الأول: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها أي إنا أرصدنا وهيأنا وأعددنا للكافرين بالله ورسوله وكتابه نار جهنم، الذي أحدق وأحاط بهم سورها من كل جانب، حتى لا يجدوا مخلصا منها.
أخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «لسرادق النار أربعة جدر، كثف «١» كل جدار مسافة أربعين سنة»
والسّرادق: واحد السرادقات التي تمدّ فوق صحن الدار، أو السور.
وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ، يَشْوِي الْوُجُوهَ أي إن يطلب هؤلاء الكافرون الظالمون الإغاثة والمدد والماء وهم في النار، لإطفاء عطشهم، بسبب حرّ جهنم، يغاثوا بماء غليظ كدردي (عكر) الزيت، أو كالدم والقيح، يشوي جلود الوجوه من شدة حره، إذا أراد الكافر أن يشربه وقربه من وجهه شواه، حتى تسقط جلدة وجهه فيه، كما
جاء في الحديث الذي أخرجه أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «المهل كعكر الزيت، فإذا قرّبه إلى وجهه، سقطت فروة وجهه فيه».
بِئْسَ الشَّرابُ، وَساءَتْ مُرْتَفَقاً أي بئس هذا الشراب شرابهم، فما أقبحه، فهو لا يزيل عطشا، ولا يسكّن حرارة، بل يزيد فيها، وساءت جهنم مرتفقا، أي وساءت النار منزلا ومجتمعا وموضعا للارتفاق والانتفاع، كما قال تعالى: إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً [الفرقان ٢٥/ ٦٦].
ثم وصف الله تعالى وعده للمؤمنين الصالحين السعداء فقال:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا أي إن الذين آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين فيما جاؤوا به، وعملوا بما أمروهم به من الأعمال الصالحة، فلا يضيع الله أجرهم على إحسانهم العمل.