وقد وصفه صاحبه بأنه كافر بالله، جاحد لأنعمه لشكه في البعث.
لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً أي لكن أنا لا أقول بمقالتك، بل أقرّ لله بالوحدانية والربوبية، ولا أشرك به أحدا، بل هو الله المعبود وحده لا شريك له.
ثم قال له مذكرا بوجوب الإيمان بالله: وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ، قُلْتَ: ما شاءَ اللَّهُ، لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ أي هلا إذا أعجبتك حين دخلتها ونظرت إليها، حمدت الله على ما أنعم به عليك، وأعطاك من المال والولد ما لم يعط غيرك، وقلت: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، أي الأمر ما شاء الله، والكائن ما قدره الله، ليكون ذلك دليلا على عبوديتك والاعتراف بالعجز.
ولهذا قال بعض السلف: من أعجبه شيء من حاله أو ماله أو ولده، فليقل: ما شاءَ اللَّهُ، لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، عملا بهذه الآية، وبما روي من
الحديث المرفوع الذي أخرجه الحافظ أبو يعلى عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد فيقول:
ما شاءَ اللَّهُ، لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فيرى فيه آفة دون الموت».
وثبت في صحيح مسلم عن أبي موسى أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال له: «ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله».
ثم أجابه عن قضية الافتخار بالمال والولد:
إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً، فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ.. أي إنك إذ تنظر إلي بأني أفقر منك في المال، وأقل منك أولادا وعشيرة في هذه الدنيا الفانية، فإني أتوقع انقلاب الحال في الآخرة، وأرجو أن يعطيني الله خيرا من جنتك في الدار الآخرة، ويرسل على جنتك في الدنيا التي ظننت أنها لا تبيد ولا تفنى عذابا من السماء، كمطر شديد يقلع زرعها وأشجارها