ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها أي لطلب رزق تنتظره يأتيك، فتعطيهم منه قَوْلًا مَيْسُوراً لينا سهلا، بأن تعدهم بالإعطاء عند مجيء الرزق.
وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ أي لا تمسكها عن الإنفاق تماما، والمغلولة: المقيدة بالغل: وهو القيد الذي يوضع في اليدين والعنق، وهو تمثيل لمنع الشح وكناية عن البخل. وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ أي تتوسع في الإنفاق، وهو تمثيل وكناية لمنع الإسراف. فَتَقْعُدَ مَلُوماً فتصير ملوما عند الله وعند الناس بالبخل، فهو راجع للأول: البخل. مَحْسُوراً نادما، أو منقطعا لا شيء عندك، وهو راجع للثاني: الإسراف. إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ يوسعه لمن يشاء. وَيَقْدِرُ يضيقه لمن يشاء. إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً عالما بسرهم وعلنهم، فيرزقهم على حسب مصالحهم.
سبب النزول:
نزول الآية (٢٦) :
وَآتِ ذَا الْقُرْبى: أخرج الطبراني وغيره عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت: وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فاطمة، فأعطاها فدك.
قال ابن كثير: هذا مشكل، فإنه يشعر بأن الآية مدنية، والمشهور خلافه.
لكن ذكر في مطلع السورة أن هذه الآية مدنية. وروى ابن مردويه عن ابن عباس مثله.
نزول الآية (٢٨) :
وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ: أخرج سعيد بن منصور عن عطاء الخراساني قال:
جاء ناس من مزينة يستحملون رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: لا أجد ما أحملكم عليه، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا، ظنوا ذلك، من غضب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأنزل الله: وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ الآية.
والرحمة: الفيء.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: نزلت في كل من كان يسأل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم